الرئيسية / الصحة الجسدية / الأمراض النادرة بالمغرب.. معاناة الأسر والمصابين دون دواء ناجع!

الأمراض النادرة بالمغرب.. معاناة الأسر والمصابين دون دواء ناجع!

تعيش بعض الأسر المغربية في كنف أمراض نادرة لا علاج لها، بعضها مشخص وبعضها الآخر لا توجد له تسمية. علاجها مستحيل، ومصرايف أدويتها باهظة تؤرق كاهل عائلات معوزة، ومخلفة أضرارا نفسية لا يحمد عقباها.

فعندما يصبح أمل الشفاء من سابع المستحيلات،  يصبح ماراتون العلاج بدون نهاية لأمراض يتيمة، كتب لأصحابها فصول من المعاناة.

فمن منا يتصور نفسه يأكل أصابعه دون إحساس، أو أن جسده ليس كباقي البشر؟

هم أطفال وشباب وشيب يعانون في صمت من أمراض لا تزال مجهولة الإسم بالنسبة للأطباء، وبعضها لا ينفع معه علاج،  يحرمون من العيش كباقي أقرانهم، ويتحمل ذويهم مرارة تأمين مصاريف أدوية باهظة الثمن.

في هذا الربورتاج، سنحاول أن نغوص بكم في عوالم الأمراض النادرة، وسنقف عند حالات عشنا معها آلام وآمال أصحابها.

 

حالمون بالشفاء..

ثلاثون سنة، والصراع ما بين ألم وأمل يتجدد في داخل أسرة جودار، بنواحي مدينة فاس، كتب لها أن تأسر أبنائها بكراسي متحركة، تلازمهم في كل تحركاتهم، بعد إصابتهم بمرض صنف تحت مسمى “ضمور العضلات”، وهو مرض يصيب ألياف العضلة مما يؤدي إلى عدم قدرتها للقيام بوظيفتها، وهذا المرض ينقسم إلى صنفين رئيسيين الأول عصبي عضلي، أما الثاني فيعرف بالنوع العضلي الهيكلي الحركي، مرض حول حياتهم لأسوار غير مرئية، قساوة الحياة وشظف العيش جعل هذه الأسرة المتواضعة تتخبط في سيناريو يومي، لتوفير أدوية تخفف فقط ألم أجساد باتت كالجماد، مسجونة داخل هيكل عظمي ثاني.

عندما وصلنا للدوار المعني سألنا أحد المارة عن عائلة جودار الملقبة بصلابة، فأجاب “آه مساكن هدوك الناس اللي كيزحفو”، عبارة صادمة التقطناها للوهلة الأولى عند وصولنا إلى عين بومرشد التابعة لجماعة القنصرة عمالة إقليم مولاي يعقوب، ذات الطبيعة الخلابة، التي كتب لها أن تخبئ بين ثناياها معاناة عائلة أنستنا خضرة وجمال المكان.

بمجرد أن تلج منزل عائلة جودار، تحس وكأن العالم يتوقف من حولك، خمسة أبناء يعانون من مرض وراثي نادر يعجزون عن الحركة، وأصبحت معالمهم المرفلوجية مشوهة، ولكي نتعرف كيف تشكل المرض وظهر على أجسادهم النحيفة أعادنا والد الأبناء حسين بذاكرته إلى الوراء، لنستحضر معه بداية ظهور المرض النادر، حيث قال: “أبنائي الخمسة ازدادوا بشكل عادي لكن عندما بلغوا سن التاسعة أصبحوا يعجزون عن صعود الدرج بمفردهم ويسقطون، وعندما كنت أود إرسال أحدهم لقضاء حاجة ما ينهضون بصعوبة بالغة، هنا أحسست بشيء غريب يصيب فلذات كبدي، من تم تنقلنا لمستشفى السويسي بمدينة الرباط سنة 1990 لتشخيص المرض لكن دون جدوى، فالأطباء لم يتوصلوا لأي نتيجة تذكر إلى يومنا هذا”.

“اليوم جالس، وغدا ناعس، هكذا كان بداية كلام محمد ابن حسين البكر، الذي يبلغ من العمر 40 سنة قضى منها 31 سنة بين جدران منزله عاجزا عن الحركة، يقول: “أخجل من نفسي لأنني أكبد مصاريف علاج باهظة الثمن، تصل إلى 2000 درهم شهريا وهذا ليس في طاقة الأسرة، زد على ذلك أن آبائنا أصبحوا طاعنين في السن ولا يقدرون على حملنا كما في السابق لكي نقضي حاجاتنا اليومية”.

 

يدرك الإخوة الخمسة أن مرضهم لا شفاء له، سيما أن أخاهم سعيد توفي سنة 2008 بعدما أصيب بمرض القلب، الذي ضعف بسبب المرض الوراثي، وهي نفس الحالة التي يعاني منها باقي الإخوة الخمسة، فخطورة ضمور العضلات تكمن في إصابة قلبهم الضعيف المتشبث بخيط رقيق من الأمل ويخرب باقي أعضاء الجسم.

كان وضع أسرة جودار ليكون أفضل لو استفاد من المراقبة والرعاية الطبية ممثلة أساسا في ترويض منتظم لكن ضيق ذات يد الأسرة وغياب بنية للتكفل بهذه الفئة سرع بزحف المرض على أجسادهم النحيفة.

يقول عبد العزيز السفياني دكتور في المعهد الوطني للصحة بمدينة الرباط والمشرف على حالة عائلة جودار” أنا أعرف هذه الأسرة منذ سنة 1993 عندها قمنا بأبحاث لمعرفة نوعية المرض ولكن صعب علينا فهمه أنذاك، ومع مرور الوقت فهمنا بأننا نواجه مرضا وراثيا نادرا من نوع ليوباتيا، هذا المرض يقصي العضلات من عملها الطبيعي، حيث كانوا يجدون صعوبة في المشي وفي صعود السلالم ومع مرور الوقت أصبحوا يعانون من إعاقة حركية، وللأسف الشديد حالة عائلة حسين جودار ليس لديها حل على غرار بعض الأمراض النادرة، فمرض ضمور العضلات يسير نحو الأسوء إلى أن يفشل المريض بالحركة تماما، ولا ننسى الوضعية  الإجتماعية للعائلة التي لا تساعد بتاتا على مقاومة المرض بالأدوية المهدئة”.

 

أطفال يأكلون أطرافهم!!

 

وجهتنا هذه المرة مدينة تازة، التي شهدت بدورها ولادة طفلين بمرض نادر عجز الطب واللسان عن تشخيصها.

في رحلة تعرف الأب على إصابة فلذة كبده محمد وصفاء، عان إدريس البدوري الأمرين، إصابة نادرة مازال الطب حائرا أمام تفسيرها، ولم يجد لها علاجا شافيا، ما يعرفه إدريس أن أبنائه لا يمتلكون ملكة الإحساس.

 

بوادر المرض حسب الأب بدأت تظهر خلال الشهور الأولى من ولادتهم. “كانت ترتفع درجة حرارتهم بشكل غير عادي وبدأت تظهر بعض القروح الجلدية وعلى غفلة منا كانوا يأكلون أصابعهم دون شعور بأي ألم”، إدريس عبّر بكل حسرة  عبر الهاتف، “ما جدوى كلامي هذا وأنا أرى أبنائي يتعذبون من عيون الناس التي لا ترحم، ينظرون لأبنائي بنظرة دونية”، مضيفا هذا المرض “لم يبقي سوى أجزاء بسيطة توحي إلى أياد بشرية التي لا تتحسس لا ببرودة الثلج ولا بحرارة النار، في ظل ذهول الأطباء وغياب علاج شافي لأبنائي يبقى عزائي الوحيد هو الإيمان بالقدر.

 

خصائص الأمراض النادرة:

 الأمراض النادرة غالبًا ما تكون مزمنة وتتطور، ويزداد المرض مع مرور الوقت، وتحدث للمريض انتكاسات صحية متكررة.

1- تعطل الأمراض النادرة حياة المرضى في كثير من الأحيان، جراء نقص أو فقدان الاستقلالية.

2- تسبب الأمراض النادرة الألم والمعاناة للمريض وعائلته.

3- لا يوجد للأمراض النادرة علاج فعال.

4 -هناك ما يراوح بين 6000 و8000 نوع من الأمراض النادرة.

5- 75٪ من الأمراض النادرة يصيب الأطفال.

6 – 30٪ من المرضى بمرض نادر يموتون قبل سن الـخامسة.

7 – 80٪ من الأمراض النادرة أسبابها وراثية.

عن أ. عبد اللطيف أبو ياسين

شاهد أيضاً

Colistin & mortadelle

معطيات خطيرة.. 90% من ضيعات الدواجن غير مراقبة ودجاجها يسبب أمراضا مستعصية

Share this on WhatsAppفجّر تقني فلاحي يشتغل في إحدى الضيعات الفلاحية الخاصة بتربية الدواجن بمدينة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *