يتميز النشاط البدني و ممارسة الرياضة بأهمية كبيرة في الحفاظ على الصحة ، فقد توصل الباحثون إلى أنه يمكن اختزال خطر الإصابة بالسرطان و علاج آثاره الجانبية حالة حدوثه ، و ذلك بالمداومة على ممارسة الرياضة لمدة نصف ساعة يوميا زو الإكثار من النشاط البدني في اليوم، لأنهما يمكنان من تحسين استفادة الجسم من الأوكسجين بالرفع من مردودية الدورة الدموية ، مما يؤدي إلى تخليص الجسم من التلوث و إلى مقاومة المشتقات الطليقة التي تتسبب في السرطان ، و الدليل على ذلك أن أسلافنا لم يكونوا يعانون من السرطان بهذه الحدة و من الأمراض الأخرى كالسكري و السمنة و القلب ، لأنهم كانوا يعتمدون على النشاط البدني و يتناولون الأغذية الطبيعية و لا يعانون من التلوث الصناعي ، أما إنسان اليوم فهو يعتمد في أكله على الكمية وعلى الأغذية غير الطبيعية ، كما أنه يعاني من قلة الحركة و من انتشار التلوث ن والنتيجة هي كثرة الأمراض المستعصية نسأل الله السلامة و العافية على عكس ذلك فإن زيادة الوزن و السمنة تقوي إحتمال الإصابة بالسرطان .
و قد جمع الدكتور Christine Friedenreich معطيات 180 دراسة تؤكد كلها أن ممارسة الرياضة تحد من خطر الإصابة بالسرطان، و في المقابل فالوزن الزائد مرتبط بخطر الإصابة بسرطان القولون و الكلية و المريء و بسرطان الثدي عند النساء في سن اليأس .
وَ هناك دراسة أخرى قامت بها EPIC و هي جهة أوربية تهتم بالتغذية والسرطان ، بحثت خلالها عدة عناصر من بينها العلاقة بين السرطان و ممارسة الرياضة، حيث استمر هذا البحث لمدة سبع سنوات و شمل قرابة 50000 شخص تتراوح أعمارهم بين 35 و 70 سنة و يتمتعون بصحة جيدة ، كما أن هذه الدراسة شملت مقارنة بين مرضى أصيبوا بالسرطان و بين أشخاص أصحاء ، و قد خلصت إلى أن السمنة و الوزن الزائد قد يؤديان إلى السرطان في حين أن مزاولة الرياضة أو النشاط البدني بانتظام ينقصان من احتمال الإصابة به، و كانت النسب كما يلي:
بالنسبة لسرطان القولون نقص خطره عند الأشخاص النشيطين بـ 20%
بالنسبة لسرطان الثدي ينقص النشاط البدني من خطر وقوعه بـ 30% بينما تزيد السمنة بعد سن اليأس خطر هذا السرطان بنفس النسبة .
و يقول الدكتور Michel Boiron يختزل النشاط البدني سواء كان في الحياة المهنية أو عبارة عن هواية أو حتى في البيت ، خطر نوعين من السرطان وهما سرطان القولون وسرطان الثدي و لا يعني التحذير من الوزن الزائد أن الأشخاص النحيفين لن يستفيدوا من الرياضة ، فالمختصون ينصحون بالنشاط البدني لمدة 30 دقيقة يوميا بشدة متوسطة أو عالية كالمشي السريع و الدراجة و صعود السلم و الحركات الرياضية و العدو الخفيف ، و يستحسن أن يكون ذلك على الأقل خمس مرات في الأسبوع.
لكن رغم كل هذه النتائج فإن دور الرياضة في الوقاية من السرطان يجب البرهنة عليه ، لأن الدارسين لم يدلوا بالكيفية التي تمكن بها الرياضة من تحقيق هذه النتائج ، و لم يفسروا كيفية محاربتها لهذا المرض. وقد أكدت دراسة EPIC في 2003 على أهمية الحمية الغذائية المتوازنة في اختزال إمكانية حدوث سرطان الجهاز الهضمي بـ 30% و خصوصا سرطان القولون و المريء و المعدة ، و أن تكون مكونات هذه الحميات عبارة عن خضر و فواكه طازجة و على قليل من اللحم و السكريات و قليل من الدهنيات خصوصا الحيوانية و البيض.
إن الاهتمام بالنظام الغذائي وبالحركة المنتظمة أمر ضروري للوقاية من السرطان ومن أمراض أخرى ، و تطرح حاليا عدة فرضيات في دور التغذية والنشاط البدني في الوقاية من السرطان نذكر منها : التغييرات الهرمونية و تطور عوامل النمو و التأثير على الوظائف المناعية ، وهناك دراسة تتم حاليا لمعرفة ما إذا كان النشاط البدني يساهم في التحسن لدى الأشخاص الذين يخضعون لعلاج ضد السرطان .
الرياضة والحركة وسيلتان لمعالجة الآثار الجانبية لمرض السرطان :
لاحظ الباحث فريرك باومان و هو طبيب رياضي ألماني خلال إدارته لمجموعة البحث في أحد المعاهد الرياضية بمدينة كولونيا، و التي كان موضوع البحث فيها هو تأثير الرياضة أثناء المعالجة من مرض السرطان. تحسناً على نتائج الأشخاص المصابين بالسرطان ، بالإضافة إلى انخفاض معدل الجسيمات المسؤولة عن شيخوخة الخلايا و تحفيز الخلايا السرطانية.
لكنه أشار إلى أن الخطوة الأولى نحو ممارسة الرياضة بالنسبة للمصابين بمرض السرطان صعبة جداً، كما يقول باومان، الذي يضيف: ” العقبة الرئيسية هي الخوف، و الشعور بعدم الطمأنينة”. كما حذر كثيرا من عدم الحركة بعد اكتشاف الإصابة بمرض السرطان، قائلاً : “تشير الدراسات إلى أن نشاط المصابين بالسرطان ينخفض إلى 30 % بعد اكتشاف المرض، و هذا خطأ فادح”. لا شيء أسوأ من عدم الحركة بعد الإصابة، فهذا الأمر يضر بعملية العلاج ضد السرطان ، حسب الباحث الرياضي.
و يشير الطبيب إلى أنه يجب أن تكون طبيعة التمارين الرياضية التي يقوم بها المصاب ملائمة أيضاً لنوع الإصابة بالسرطان. فمثلاً هناك أنواع من السرطان التي يتم معالجتها بالعلاج الكيمياوي، الذي يؤثر على القلب، كما أن سرطان الدم يضعف جهاز المناعة في الجسم. مما يستوجب الحذر خلال ممارسة رياضة معينة.
و لا زال البحث قائما بين فريرك باومان و فريقه للتوصل إلى الحركات الأمثل التي تساعد المصابين بالسرطان و المعالجين منه على تجنب الآثار الجانبية خلال العلاج. و متى يكون اللجوء إلى الهدوء و الراحة التامة أمراً مطلوباً؟ كما أنهم يبحثون عن العلاقة بين الأدوية المستخدمة ضد السرطان وأساليب الرياضة.
أساليب المعالجة بالرياضة تتنوع من رياضة الأثقال الخفيفة للنساء المصابات بسرطان الثدي خلال مرحلة العلاج الكيمياوي، إلى السير لمسافة 500 كلم عبر جبال الألب حتى مدينة البندقية الإيطالية، أو رحلة تمتد لمسافة 1400 كلم بالدراجة الهوائية من كولونيا إلى مدينة مرسيليا الفرنسية. أو حتى المشي لمسافة 800 كلم في “طريق يعقوب”، في شمال أسبانيا.